وَقَفَ رَجُلٌ يُرَاقِبُ وَلِعِدَّةِ سَاعَاتٍ
فَرَاشَةً صَغِيرَةً دَاخِلَ شَرْنَقَتِهَا الَّتِي بَدَأَتْ
بِالاِنْفِرَاجِ رُوَيْدًا رُوَيْدًا, وَكَانَتْ تُحَاوِلُ جَاهِدَةً
الخُرُوجِ مِنْ ذَلِكَ الثَّقْبِ الصَّغِيرُ المَوْجُودُ فِي
شَرْنَقَتِهَا, وَفَجْأَةً سَكَنَتْ, وَبَدَتْ وَكَأَنَّهَا غَيْرُ
قَادِرَةٍ عَلَى الاِسْتِمْرَارِ.
 |
أَجْمَلُ قِصَّةٍ قَصِيرَةٍ بِعُنْوَانٍ الرَّجُلُ وَالفَرَاشَةُ |
ظَنَّ الرَّجُلُ بِأَنَّ قِوَاهَا قَدْ
استنفذت, وَلَنْ تَسْتَطِيعُ الخُرُوجَ مِنْ ذَلِكَ الثَّقْبِ الصَّغِيرُ,
ثُمَّ تَوَقَّفَتْ تَمَامًا! عِنْدَهَا شَعَرَ الرَّجُلَ بِالعَطْفِ
عَلَيْهَا, وَقَرَّرَ مُسَاعَدَتَهَا, فَأَحْضَرَ مقصًا صَغِيرًا وَقَصَّ
بَقِيَّةِ الشَّرْنَقَةِ, فَسَقَطَتْ الفَرَاشَةُ بِسُهُولَةٍ مِنْ
الشَّرْنَقَةِ, وَلَكِنْ بِجِسْمٍ نَحِيلٍ ضَعِيفٍ وَأَجْنِحَةٍ ذَابِلَةٍ!
وَظَلَّ الرَّجُلُ يُرَاقِبُهَا, مُعْتَقَدًا بِأَنَّ أَجْنِحَتُهَا لَنْ
تَلْبَثُ أَنْ تَقْوَى وَتَكْبُرُ, وبأنّ جِسْمُهَا النَّحِيلُ سَيُقَوِّي,
وَسَتُصْبِحُ قَادِرَةً عَلَى الطَّيَرَانِ, وَلَكِنْ لَمْ يُحْدِثْ
شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ, وَقَضَتْ الفَرَاشَةَ بَقِيَّةُ حَيَاتِهَا بِجِسْمٍ
ضَعِيفٍ, وَأَجْنِحَةٌ ذَابِلَةٌ, وَلَمْ تَسْتَطِعْ الطَّيَرَانَ أَبَدًا.
لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ الرَّجُلَ بِأَنَّ قُدْرَةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ,
وَرَحِمَتْهُ بِالفَرَاشَةِ جَعَلَتْهَا تَنْتَظِرُ خُرُوجَ سَوَائِلَ مِنْ
جِسْمِهَا إِلَى أَجْنِحَتِهَا حَتَّى تَقْوَى وَتَسْتَطِيعُ
الطَّيَرَانَ! أَحْيَانًا يَقُومُ البَعْضُ بالتّدخل فِي أُمُورِ
الآخَرِينَ, ظَنًّا مِنْهُمْ بِأَنَّهُمْ يُقَدِّمُونَ خِدْمَةً
إِنْسَانِيَّةً, وَأَنَّ الآخَرِينَ بِحَاجَةٍ إِلَيْهِمْ وَإِلَى
مُسَاعَدَتِهِمْ, وَلَكِنَّهُمْ لَا يُقَدِّرُونَ الأُمُورَ حَقٌّ
قَدَّرَهَا, فَيُفْسِدُونَ أَكْثَرَ مِمَّا يُصْلِحُونَ
0 تعليقات على " أَجْمَلُ قِصَّةٍ قَصِيرَةٍ بِعُنْوَانٍ الرَّجُلُ وَالفَرَاشَةُ ممتعة قرآتها "